[ad_1]
حظى فيلم “وداعا جوليا” بنجاح جماهيري إلى جانب النجاح النقدي، إذ توج بـ14 جائزة من مهرجانات عالمية، حيث تجاوزت إيراداته بدور العرض المصرية أكثر من مليوني جنيه.
وكان عرض الفيلم السوداني بدأ مؤخرا في عدد من الدول العربية وفي فرنسا، في نجاح يضاف إلى حصوله على جائزة الحرية بمهرجان كان السينمائي، كما رشح ليمثل السودان في جوائز الأوسكار ضمن فئة “أفضل فيلم غير ناطق بالإنجليزية”، في الحفل الذي من المقرر أن يقام في مارس/آذار 2024.
كما حصلت بطلة الفيلم إيمان يوسف على جائزة أفضل ممثل في النسخة الـ18 من مهرجان قبرص السينمائي الدولي، وحاز محمد كردفاني جائزة أفضل مخرج في عمل روائي أول بذات المهرجان. وفاز “وداعا جوليا” أيضا بجائزة روجر إيبرت في مهرجان شيكاغو السينمائي الدولي، إلى جانب جائزتين من مهرجان الحرب على الشاشة في فرنسا، وهما جائزة الجمهور وجائزة الصحافة.
وحصد الفيلم أيضًا 3 جوائز دولية في مهرجان صانعي الأفلام الفرنسي (Paysages de Cinéastes) وهي جائزة لجنة تحكيم الصاعدين، وجائزة الجمهور، وجائزة لجنة تحكيم المرأة ، كما فاز بجائزة أفضل فيلم أفريقي في جوائز سبتيموس الدولية. أما آخر الجوائز، فكانت جائزة الجمهور في مهرجان السينما العربية والبحر المتوسط بكتلونيا.
البداية : ذروة درامية
من الأحداث المتصاعدة عقب اغتيال زعيم الحركة الشعبية لتحرير السودان جون قرنق في العام 2005، وتحديدا قبل انفصال الشمال عن الجنوب بـ6 سنوات، تنطلق أحداث فيلم “وداعا جوليا”، والذي نجح مخرجه محمد كردفاني في أول أفلامه الروائية الطويلة أن يتناول الانفصال بأوجاعه وأزماته من خلال ربطه بمصير أسرتين.
يتطرق الفيلم إلى لحظة فارقة في تاريخ السودان وبالأخص مع وصول الصراع إلى ذورته بين الشمال والجنوب، بكل ما يحمله من أوجاع وصولا إلى قرار تقسيم الدولة، ويرصد التصاعد السياسي في “وداعا جوليا” من خلال انعكاسه على البيوت السودانية وبالأخص هنا بيت أكرم (نزار جمعة)، الذي يمثل شخصية الشمالي المتشدد.
منزل أكرم هو نموذج مصغر للصراع الديني والعرقي، ففي المنزل زوجته منى (إيمان يوسف) التي يجبرها الزوج على ترك الغناء، وفي نفس الوقت فهي تحترف الكذب وهو ما يتضح من اللحظات الأولى في مشهد إعدادها للإفطار وحرقها للبيض أثناء طبخه، قبل أن تنكر أمام زوجها أنها قامت بتجهيزه من الأساس.
يكشف هذا الكذب العلاقة الهشة بين منى وزوجها ويمهد للحادث الذي تتورط به البطلة وتدور خلاله حبكة الفيلم، حين تصدم طفلا صغيرا بسيارتها ويطاردها والده، تدعي بأن رجلا جنوبيا يلاحقها، فيقرر زوجها قتله في ظل اشتعال الأحداث.
ويرتبط مصير الأسرتين -أسرة منى وأكرم من جهة وأسرة جوليا وطفلها سيران من جهة أخرى -، حين تقرر منى تعويضهما بإلحاق منى للعمل لديها في المنزل لشعورها بالذنب.
لغة سينمائية ثرية وإحالة بصرية
اعتمد كردفاني في تجربته على اللغة السينمائية الكلاسيكية مع استخدامه لبعض الرموز التي تبدو تقليدية، لكن كل ذلك جاء لصالح الفيلم ولدعم قضيته التي اختار التعبير عنها بعيدا عن الخطب الرنانة، وهو ما يظهر مثلا في مشهد العصافير في منزل منى التي تقرر إطلاق سراحها، ليكشف عن رغبتها في نيل حريتها والعودة إلى فنها مرة أخرى.
وتعد نماذج الشخصيات والبناء الدرامي والحوار الثري أكثر العناصر تفوقا في الفيلم، إلى جانب توجيه الممثلين، فعلى الرغم من أن قضية “وداعا جوليا” هى الصراع بين الشمال والجنوب السوداني وتأثير العنصرية، فإن صياغة الشخصيات والأحداث جعلت الفيلم يصلح للتعبير عن أي زمان ومكان آخر، في رفض واضح للعنف والعنصرية والحروب، رغم محلية القضية التي تناقش الانفصال بين شمال السودان وجنوبه.
يمكن اعتبار الإحالات البصرية التي ظلت من بداية الفيلم وحتى النهاية في الكثير من المشاهد، من العناصر الداعمة للغة الحوار، مثل “السكرية” الموجودة في دولاب “منى” والتي تخفي بها متعلقات زوج جوليا المقتول، تم التعبير عنها برمزية حين تعود منى إلى منزلها بعد أن تعلم عدم قدرتها على الإنجاب، وبمجرد دخولها إلى المنزل يستخدم المخرج لقطة مقربة لقدمها وهى تدوس على إحدى شظايا السكرية، فتشعر بالخوف والقلق بعد أن تدرك أن السكرية تعرضت للكسر والمتعلقات غير موجودة، وتهدأ حين تدرك بأن الابن داني هو المسؤول وأن جوليا لم تكشف سرها.
صاغ كردفاني المشاهد الأخيرة ببراعة، فخلت من الحوار تقريبا، لكن تداخلت عناصر مثل المونتاج وشريط الصوت من أجل رسم نهاية للقصة، نهاية منى وأكرم ومن جانب آخر زميلها في الفرقة الموسيقية، ونهاية الصراع بين “جوليا” وابنها دانيال، وبين آجير الذي عرض على جوليا الزواج.
وعلى ضوء المواقف التي تعرض لها الشخصيات خلال السنوات الـ6 منذ بداية الأحداث، نجد خاتمة تفتح طرقا مختلفة لكل شخصية منهم، ومسارات شديدة الاختلاف، مشاهد صامتة وفي الخلفية أغنية تبدو كمرثية على مصير الأبطال، وعلى الأحداث في السودان بعد التصويت بالموافقة على الانقسام.
يختم كردفاني “وداعا جوليا” بمشهد دانيال الطفل الجنوبي الصغير وهو يحمل السلاح، رغبة منه في الثأر بعد أن علم بأن العائلة الشمالية التي تولت تربيته خلال السنوات الـ6 هي من قتلت والده.
[ad_2]
Source link